استشراف مستقبل الجيل الخامس: الدور الحيوي لخدمات الاتصال في مواجهة التحديات الوبائية

التاريخ : 2020-07-21 (03:33 PM)   ،   المشاهدات : 6916   ،   التعليقات : 0

الإمارات
استشراف مستقبل الجيل الخامس: الدور الحيوي لخدمات الاتصال في مواجهة التحديات الوبائية

بقلم: راكيش لاقاني،رئيس حلول الشبكات ، الحالية والمستقبلية إريكسون الشرق الأوسط وأفريقيا

أدى انتشار الجائحة العالمية إلى التأسيس لعصر جديد تهيمن عليه ملامح الرقمنة، وبالتالي من المتوقع أن نشهد في المستقبل القريب توجهاً متزايداً من قبل المستخدمين لتبني عمليات التحول الرقمي في جميع جوانب حياتهم ! الأمر الذي سيؤدي بالتأكيد إلى مواجهة بعض التحديات التي تستلزم تحسين كفاءة شبكات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات – تبني الرقمنة. ويعتمد النجاح في هذا التحول الرقمي على قدرة مزودي خدمات الاتصال في توفير الحلول والخدمات والمزايا المتقدمة في عالم الاتصالات المتنقلة.

أثر وباءكوفيد-19 على العديد من المجتمعات والدول حول العالم، وطالت التأثيرات بشكل خاص الحياة اليومية للمستخدمين، الذين رأوا في الشبكات المرنة عنصراً أساسياً ساهم في دعمهم للتغلب على النتائج السلبية للأزمة على نحو فعال. وأكدت الأزمة على أهمية الاتصالات المتنقلة في حياة الأفراد، الأمر الذي انعكس في ارتفاع الطلب للحصول على البيانات، حيث ازداد الوقت الذي يقضيه المستهلكون في الاتصال باستخدام النطاق العريض الثابت بمقدار ساعتين ونصف خلال الأزمة، بينما زاد الوقت الذي يقضيه المستهلكون في الاتصال باستخدام النطاق العريض المتنقل بمعدل ساعة واحدة في اليوم، وفقاً لدراسة أجريت مؤخراً في مختبر إريكسون للمستهلكين والقطاعات.

وعلى الرغم من إشاعة أجواء التخوف والقلق لدى المستهلكين مع انتشار الوباء، إلا أن الطلب مازال مرتفعاً للحصول على أجهزة جديدة ومتطورة، إضافة إلى التوسع في الاعتماد على خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ومع تكوّن سلوكيات رقمية جديدة، بات الدور الحيوي لمزودي خدمات الاتصال واضحاً، لناحية دعم المجتمعات عبر تزويدهم بقدرات اتصال رقمية من الجيل الأول.

تمهيد الطريق لمستقبل تديره الرقمنة

من المؤكد بأن ارتفاع سقف المتطلبات والتوقعات المستقبلية، سيؤدي إلى ظهور الحاجة لتطوير شبكات ذات كفاءة أكبر وأداء أقوى وموثوقية أكثر لتوفير خدمات الاتصالات المتنقلة من المستوى التالي. وهنا يأتي دور تقنية الجيل الخامس، التي توفر سرعات لاسلكية تحاكي سرعات النطاق العريض الثابت الذي نستخدمه اليوم في منازلنا، مع كفاءة أكبر على مستوى الاقتصاد في استخدام الطاقة مقارنة بشبكات الجيل الرابع الحديثة.

وتتمثل الخطوة التالية عبر مسيرة الجيل الخامس في تطوير خدمات الاتصالات المتنقلة، في توفير خدمات الاتصال أينما كان لجميع أنواع الأجهزة المتصلة. وفي هذا الإطار، ستعمل تقنية الجيل الخامس على دعممجموعة واسعة من التطبيقات وحالات الاستخدام الجديدة ، بما في ذلك المنازل الذكية وخدمات السلامة المرورية والبنية التحتية الحيوية والعمليات الصناعية وتسليم الوسائط فائقة السرعة.

وستتميز التقنية الجديدة في قدرتها على تلبية احتياجات التطبيقات وحالات الاستخدام الجديدة على نحو مختلف، حيث توفر للقطاعات والأفراد إمكانات وفرص فريدة تتفوق بخطوات كبيرة على تلك التي وفرتها أجيال الاتصالات المتنقلة المختلفة سابقاً. ومن الأمثلة على ذلك المعدلات العالية لحرمة البيانات، ووقت الاستجابة المنخفض جداً (الكمون)، والموثوقية الفائقة، والكفاءة العالية على مستوى الطاقة، والقدرة على التحكم وإدارة وتشغيل عدة أجهزة ضمن نطاق جغرافي واحد. إلا أن أهمية الجيل الخامس تتعدى مجرد تشغيل الهواتف الذكية، حيث تساهم التقنية المبتكرة في تسريع عملية تطوير إنترنت الأشياء.

وتعتبر هذه الابتكارات إحدى أهم  التحولات التكنولوجية في القرن الحادي والعشرين، حيث ستطال آثارها جميع القطاعات الاجتماعية والاقتصادية تقريباً، بما في ذلك أسواق العمل والأسواق المالية، بالإضافة إلى إعادة تشكيل الطلب على السلع والخدمات. وبناء على ذلك، ستوفر التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة إمكانيات كبيرة تساهم في تحسين حياتنا وأعمالنا.

توقعات المستخدمين في ظل انتشار شبكات الجيل الخامس

أدى تزايد أهمية خدمات الاتصال، لناحية تمكين المستخدمين من القيام بالأنشطة الترفيهية المتنوعة وإنجاز أعمالهم وضمان استمراريتها، إلى ارتفاع سقف التوقعات لناحية الحصول على تجارب اتصال أفضل باستخدام الشبكات الأكثر تقدماً. ووفقاً لدراسة أجريت في مختبر إريكسون للمستهلكين، صرح ستة من كل 10 مستخدمين للهواتف الذكية عن نظرتهم الإيجابية للدور الذي تلعبه تقنية الجيل الخامسأثناء الأزمات، ويوافق نصفهم تقريباً على أن تقنية الجيل الخامس وفرت قدرات استيعابية أكبر وسرعات أعلى مقارنة بالجيل الرابع،كما يعتقد معظمهم بأن تقنية الجيل الخامس ستوفر العديد من المزايا والفوائد للمجتمعات المختلفة.

كما اتفق المجيبون على الدور الرائد لتقنية الجيل الخامس في المجال الطبي. فعلى سبيل المثال، يمكن للفرق الطبية المختلفة الاعتماد على التقنية الجديدة للتحكم بالمعدات الطبية عن بعد أو إجراء الفحوصات والاختبارات باستخدام الروبوتات المتوافقة مع تقنية الجيل الخامس، ما يقلل حاجة الطاقم الطبي للبقاء في المواقع الموبوءة.

ويكشف الاستطلاع أيضاً أن مستخدمي تقنية الجيل الخامس يعتمدون على الخدمات التي يوفرها الإنترنت، مثل تسوق البقالة ومشاهدة مقاطع الفيديو وممارسة الألعاب، على نحو يفوق مدى اعتماد مستخدمي تقنية الجيل الرابع على هذه الخدمات. كما يبدو بأن مستخدمي الجيل الخامس هم أكثر تفاؤلاً بشأن الإمكانات التي توفرها هذه التقنية، وذلك على الرغم من أن 4 من كل 10 مجيبين يوافقون بشدة على ضرورة توسيع نطاق التغطية بتقنية الجيل الخامس على أسرع نحو ممكن، للحصول على شبكة أكثر سرعة من النطاق العريض الثابت الذي يستخدمونه في المنزل حالياً، حيث أظهرت الدراسة أن ستة من كل 10 مستخدمين من الجيل الخامس يوافقون بشدة على ذلك.

ويؤكد المستخدمون الحاليون لشبكة الجيل الخامس على أن النطاق الترددي العريض للأجهزة المتنقلة أكثر أهمية بالنسبة لهم من النطاق العريض الثابت. في الواقع ، يعتقد 23% من مستخدمي تقنية الجيل الخامسالحاليين أن النطاق الترددي العريض للأجهزة المتنقلة أكثر أهمية مقارنة بالهاتف الثابت، بينما يرى 48% أن الشبكات المختلفة تمتلك ذات الأهمية.

وقد أدى انتشار الوباء إلى تبني العديد من خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتوجه للاعتماد عليها على نحو أكبر، لا سيما في المرحلة المقبلة التي ستعتمد بالدرجة الأولى على خدمات الاتصال الفائقة. 

ويفرض التطور الرقمي الملحوظ لدى المستخدمين، حاجة مزودي خدمات الاتصال لتوفير تقنيات الجيل التالي في أقرب وقت ممكن. ويبقى السؤال الأهم في هذه المرحلة، من أين يبدأ التطوير وما هي الجوانب الأكثر أهمية في هذا الإطار؟

سيؤدي هذا التوجه إلى وضع الأسس لدور تقنية الجيل الخامس المحتمل في إثراء الخدمات وإدارة الأزمات على نحو أكثر سهولة وفعالية، لضمان استمرارية أعمالنا وقدرتنا على التواصل في أي ظروف مستقبلية محتملة تحتم علينا تنفيذ سياسات التباعد الاجتماعي مجدداً.  

| بواسطة: Omar Abd Raboo

إضافة تعليق

الخبر التالي