5 حكام قدماء غيَّروا العالم.. لكن أين قبورهم؟

التاريخ : 2020-11-24 (12:15 PM)   ،   المشاهدات : 1102   ،   التعليقات : 0

5  حكام قدماء غيَّروا العالم.. لكن أين قبورهم؟

5 حكام قدماء غيَّروا العالم.. لكن أين قبورهم؟

نشرت مجلة ديسكفر، مجلة علمية أمريكية تنشر مقالات حول العلوم المختلفة، مقالًا لـ أفيري هيرت، كاتبة تهتم بالشؤون الصحية والعلمية، حول خمسة من الحكام القدماء الذي استطاعوا تغيير العالم أثناء وجودهم في سدة الحكم، ولكن لم نعرف لقبورهم مكاناً، ويظل هذا الأمر لغزاً محيراً لم يجد مَنْ يقدِّم إجابةً عليه.

وفي بداية مقالها، ذكرت الكاتبة أنه كلما مر الزمان على أماكن الجذب السياحي، نجد أن مقابر المشاهير تحتل مرتبة عالية للغاية في القائمة. واسأل عن ذلك القائمين على رعاية دير وستمنستر، حيث شهدت قبور الملوك والملكات والشعراء والعلماء (بما في ذلك نيوتن وداروين وهوكينج) ملايين الزوار على مر السنين. ومن نافلة القول أن نشير في البداية إلى متحف جرايسلاند، حيث يشهد قبر إلفيس بريسلي ما يصل إلى 750 ألف زائر كل عام.

ولكن عندما نعود أدراجنا لنقلب صفحات التاريخ، نجد أن قبورَ عديدٍ من الشخصيات العظيمة مفقودة على نحو يلفُّه الغموض. وفيما يلي عدد قليل من الأشخاص الذين نتذكر حياتهم جيدًا، بينما لا نعرف أين قبورهم التي دُفِنوا فيها.

 

بوديكا، الملكة المتمردة

تشير الكاتبة إلى أنه عندما غزا الرومان ما بات يُعرف الآن بإنجلترا، في عام 43 م تقريبًا، سمح الرومان لبراسوتاغوس، زعيم قبيلة إيسيني الكِلْتية، بالاستمرار في حكم شعبه. ولكن فور وفاة براسوتاغوس، عام 60 م، توقفت جميع الرهانات. ولم يقتصر الأمر على مصادرة الرومان لأرض إيسيني وفَرْض الحكومة الرومانية سيطرتها بالقوة، بل جلدوا أرملة براسوتاغوس، بوديكا (أو بواديكيا)، واغتصبوا بناته. وبعبارة بسيطة، كان هذا خطأً واضحًا.

وقادت الملكة المظلومة تحالفًا يضم القبائل المتمردة التي نجحت في نهب مستعمرتين رومانيتين وكادت تطرد الرومان بعيدًا عن أرض الجزيرة. لكن في النهاية، هُزِمت بوديكا في معركة عام 61 م. ووفقًا للمؤرخ الروماني تاسيتوس، قتلت نفسها بالسم لتجنب الوقوع في الأسر. وأفاد كاسيوس ديو، مؤرخ آخر في ذلك الوقت، بأنها توفيت متأثرة بجروح أصابتها أثناء المعركة.

ومع أن روحها فاضت إلى بارئها، لا أحد يعرف ما حدث لجثمانها. وكانت هناك بعض الادِّعاءات (جامحة إلى حد ما) بأنها دُفِنت أسفل محطة كينجز كروس  للسكك الحديدية في العاصمة الإنجليزية لندن. ومن المرجح أن يكون قبرها، إذا كان هنالك من قبر، في مكان ما بالقرب من مقاطعة شروبشاير، حيث هزمها الرومان وقواتها في نهاية المطاف. وعلى أي حال، حتى لو أقدمَ شخص ما على النبش بحثًا عن رفاتها، ربما يكون ذلك رفات بوديكا، ولكن من غير المرجح أن نتحقق من ذلك على وجه اليقين. وفي بعض الأحيان يمكن استخلاص الحمض النووي من العظام البالية للتعرف على الأفراد.

لكن ليندسي باستر، عالمة الآثار في جامعة يورك في بريطانيا والمتخصصة في العصر الحديدي، توضح أنه للحصول على دليل قاطع، يجب الحفاظ على الرفات جيدًا وسنحتاج إلى رفاتٍ حديث للموازنة بينهما. ومن غير المحتمل أن يكون هذا هو الحال مع الرفات الذي يُعتقَد أنه يخص بوديكا.

ولا يعني هذا أن الملكة المحاربة سقطت في هوة النسيان، إذ أصبحت بوديكا بطلة بالنسبة للنساء في حركة «حق النساء في التصويت في المملكة المتحدة»، واليوم هناك تمثال لها في لندن للتذكير باستقلال البريطانيين – والأهم من ذلك، للتعبير عن النساء بوجه عام.

 

الإسكندر الأكبر

توضح الكاتبة أن الإسكندر أصبح حاكم مقدونيا بعد اغتيال والده فيليب الثاني عام 336 قبل الميلاد. ومن ثم عزز المحارب البالغ من العمر 20 عامًا آنذاك سلطته بسرعة في جميع أنحاء اليونان ثم وسَّع آفاق حكمه. وغزا الإمبراطورية الفارسية، ووضع حجر الأساس لأكثر من 70 مدينة (بما في ذلك، الإسكندرية بالطبع)، وعزَّز إمبراطورية امتدت من اليونان غربًا إلى الهند شرقًا.

لقد أنجز الإسكندر كل هذا خلال ما يزيد قليلًا عن عقد من الزمان. وفي عام 323 قبل الميلاد بعدما أصبح عمره يناهز 32 عامًا، توفي الإسكندر، ربما بسبب الحمى. ووُرِيَ جثمانه الثرى أولًا في ممفيس، ثم نُقِل جثمانه إلى الإسكندرية. وظلت أفواج الزائرين تذهب إلى قبره الفخم لعدة سنوات كما لو كان إلهًا.

ومن ثم في عام 356 م، فعلت الطبيعة ما لم تستطع الجيوش الفارسية فِعْله. إذ حدث تسونامي وأعقبته سلسلة من الزلازل وارتفاع لمستوى سطح البحر، واجتمع كل ذلك على هزيمة الإسكندرية. وأضُحَى كثير من السواحل التي كانت ممتدة آنذاك مغطى بالمياه الآن. وما لم تُغطِّه المياه، دُفِن تحت طيات الأرض. وبُنِيت مدينة جديدة على أطلال المدينة القديمة. ومن المحتمل أن يكون قبر الإسكندر قد فُقِد تحت ما يصل إلى 12 قدمًا من طبقات التربة وأحداث التاريخ الأكثر حداثة، إن لم يكن قد جرفته المياه إلى أعماق البحر.

وعلى مر السنين، قاد عديد من علماء الآثار عمليات التنقيب بحثًا عن قبر الإسكندر دون أي نجاح يُذكر. ومع ذلك، فإن التقنيات الأثرية الجديدة، مثل التصوير المقطعي بالمقاومة الكهربائية (ERT)، قدَّمت أدلة مثيرة للاهتمام. ويستخدم التصوير المقطعي بالمقاومة الكهربائية تيارًا كهربائيًّا للكشف عن الأجسام الموجودة تحت الأرض. ووجَدَ فريق أثري يعمل في الإسكندرية عديدًا من الحالات الغريبة التي تشير إلى أنهم ربما أصبحوا على مقربة من المثوى الأخير للإسكندر الأكبر. لكن اللغز لا يزال بلا حل حتى الآن.

كليوباترا، آخر ملكة فرعونية في مصر

ألمحت الكاتبة إلى أن كليوباترا، آخر ملكة من الفراعنة، حاولت الحفاظ على استقلال مملكتها بعيدًا عن سلطة روما. وبعد وفاة يوليوس قيصر، تعاونتْ مع مارك أنتوني (الذي كان أيضًا حبيبها ووالد ثلاثة من أبنائها) لمنع أوكتافيان، ابن شقيق قيصر ووريث عرشه، من توسيع حكمه في مصر. تمامًا كما صوَّرت أحداث المسلسل هذه الوقائع. وفي النهاية، لم تنجح في تحقيق أهدافها، وعندما انتصر أوكتافيان، أقدم أنتوني على الانتحار. وبعد مدة وجيزة، سواء بدافع الحزن على فَقْد حبيبها (النسخة الأكثر رومانسية) أو لتجنب ذل الهزيمة والعبودية التي أعقبت ذلك (النسخة الأكثر ترجيحًا) أنهت كليوباترا حياتها بعد أن أسلمت نفسها لأفعى سامَّة لدغتها في صدرها، وفقًا لما ذكره بلوتارخ (فيلسوف ومؤرخ يوناني).

ويخبرنا المؤرخ الروماني كاسيوس ديو أن أوكتافيان (الذي سيصبح قريبًا قيصر أوغسطس) أمر بدفن كليوباترا بجانب عشيقها في إظهارٍ منه لرحمة المنتصر. لكن أين دُفِنت؟ من المفترض في الإسكندرية، ولكن هناك تكمن مشكلة نعرفها بالفعل. لقد دمَّرت موجات تسونامي والزلازل وارتفاع مستوى سطح البحر ساحل الإسكندرية على مر السنين. والآن أصبحت المنطقة التي من المرجح أن الملكة وزوجها دُفِنا فيها تحت الماء.

واقترح فريق من علماء الآثار العاملين في تابوزيريس ماجنا (معناها قبر أوزوريس)، وهي مدينة تبعد حوالي 30 ميلًا غرب الإسكندرية، أن ضريح الملكة يمكن العثور عليه هناك. لكن هناك قليل من الأدلة يدعم هذا الادِّعاء. يقول جلين جودينهو، عالم المصريات بجامعة ليفربول، إن الدليل الذي يربط كليوباترا بالموقع يقتصر على العملات المعدنية المطبوعة عليها صورتها. ولا يؤكد هذا إلا أن المكان استُخدِم خلال مدة حكمها فحسب، وليس يؤكد أن هناك أدنى صلة شخصية بينها وبين الموقع. ومن المحتمل أن يظل قبر الملكة المصرية البائسة لغزًا.

 

أتيلا، ملك الهون

تفيد الكاتبة أن أتيلا الهوني حكم من 440 إلى 453 م، وعلى الرغم من الهزيمة التي مُني بها عديد من القبائل التي هددت الإمبراطورية الرومانية، تمكن أتيلا من أن يكون شوكة مؤلمة في خاصرة الرومان. وبعد أن آل إليه إرث إمبراطورية امتدت من جبال الألب إلى بحر قزوين، تفاوض أتيلا على توقيع معاهدة مع الرومان، والتي تضمَّنت دفع ما يرقى إلى أن يكون ثمن حماية أتيلا للرومان. وعندما لم يدفع الرومان الثمن، هاجم أتيلا مدنهم ونهبها. ويُعتقد أن غاراته كانت عاملًا مهمًا في سقوط روما.

لقد كانت تكتيكات زعيم الهون شرسة ودموية لدرجة أننا نستخدم أتيلا حتى اليوم بوصفه مرادفًا للوحشية. والمثير للدهشة أن أتيلا لم يمت في معركة قتالية، بل مات على فراشه كما يموت البعير. وفي كتاب «تراجع الإمبراطورية الرومانية وسقوطها (Decline and Fall of the Roman Empire)»، يصف المؤرخ إدوارد جيبون موتة أتيلا الشنيعة الدموية، مع أن موتته كانت على الأرجح طبيعية، قائلًا: «انفجر أحد شرايينه فجأة: وبينما كان أتيلا مستلقيًا على ظهره، شعر بالاختناق جرَّاء سيل نازف من الدم، والذي بدلًا من أن يجد له مخرجًا عبر فتحتي الأنف، ارتجع إلى الرئتين والمعدة». وعزا مؤرخو ذلك الوقت السبب في ذلك إلى الإفراط في شرب الخمر في وليمة الزفاف.

تحكي القصة أن جثة أتيلا دُفِنت في ثلاثة توابيت متداخلة، أحدها من الحديد والآخر من الفضة والثالث من الذهب. وقُتِل الرجال الذين دفنوه حتى لا يتمكنوا من الكشف عن مكان الدفن. ويُعتقد أن القبر موجود في مكان ما فيما يعرف الآن بالمجر، لكن الموقع الدقيق – ويا للمفاجأة! – لا يزال لغزًا. وإذا كان قد عُثِر على القبر ونُهِب بعد وفاته كما هو مرجح، فلن نعرف أبدًا أين يوجد المثوى الأخير للرجل الذي كاد أن يُسقِط الإمبراطورية الرومانية.

 

جنكيز خان،أهم حكام منغوليا

استطاع جنكيز خان توحيد كل منغوليا –والتي كانت عبارة عن مجموعة من عشرات القبائل المتناحرة– تحت قبضته. وبعد ذلك انتقل إلى بقية آسيا. ولما دنى أجله، كانت إمبراطوريته قد امتدت من المحيط الهادئ إلى بحر قزوين.

ولم تقتصر مهارات جنكيز خان على الغزو، مع أنه كان محاربًا مغوارًا حتى وإن كانت الرحمة لا تعرف إلى قلبه طريقًا. إذ قدَّم الخان العظيم، كما هو معروف حتى اليوم في منغوليا، لشعبه إحصاءً رسميًّا لتعداد السكان وخدمة بريدية ولغة مكتوبة. وأقام نظام الجدارة (حكم أهل الكفاءة) في حكومته، ودَعَم الحرية الدينية، وحَظَر التعذيب في مملكته.

وتوفي عام 1227م أثناء رحلةٍ له إلى الصين، وربما بعد سقوطه من على حصانه أثناء الصيد. ونقل أبناؤه جثمانه إلى منغوليا، حيث طلب والدهم دفنه في قبر غير مميز. وواجهوا بعض المشاكل بسبب احترامهم لوصية والدهم. ووفقًا للأسطورة، وُضِع جنكيز خان في تابوت ودفن في حفرة عميقة. ثم داس 10,000 حصان على المنطقة التي دُفِن فيها لإخفاء أي شواهد تدل على القبر.

ويُعتقد أنه دُفِن في مكان ما بالقرب من مسقط رأسه، في جبال خينتي في شمال شرق منغوليا. وتُستخدَم التقنيات الحديثة، مثل رادار اختراق الأرض والمقاييس المغناطيسية وصور الأقمار الصناعية والطائرات من دون طيار، في البحث عن المكان الذي دُفِن فيه. حتى أن الدعوة قد وُجِّهت إلى العلماء من أجل جمع المصادر لقراءات صور الأقمار الصناعية للمساعدة في اكتشاف الحالات الغريبة التي ربما تحدد مكان القبر القديم.

ومع ذلك، هناك عقبة كؤود في هذا الطريق: لا يزال الخان العظيم يحظى بالاحترام في منغوليا. ويفضِّل معظم المنغوليين احترام رغبته في الموت. وقد يكشف علم الآثار عالي التقنية ما حاول 10,000 حصان إخفاءه.

واختتمت الكاتبة مقالها قائلةً: ولكن إذا تمكن أحفاد الخان العظيم من الوصول إلى غايتهم، فسيظل في قبره آمنًا مطمئنًا دون إزعاج.

| بواسطة:

إضافة تعليق

الخبر التالي

كريستيانو رونالدو يدرس الاعتزال في هذا النادي