قصر البارون.. تحفة معمارية تسكنها الأساطير

التاريخ : 2020-12-18 (01:06 AM)   ،   المشاهدات : 1554   ،   التعليقات : 0

قصر البارون.. تحفة معمارية تسكنها الأساطير

يعد قصر البارون تحفة معمارية تزين منطقة مصر الجديدة بمدينة القاهرة، ويعرف بأنه «القصر الذي لا تغيب عنه الشمس» نظراً لتصميمه المعماري الفريد الذي يرى الشمس من جميع الاتجاهات وبزوايا مختلفة، كما أنه يحتوي على مقتنيات أثرية نادرة ومجموعة من التماثيل المستوحاة من الحضارتين الأوروبية والهندية.

يرجع تاريخ بناء القصر إلى عام 1911، حيث بناه البارون البلجيكي جوزيف امبان، الذي أسس حي مصر الجديدة في العاصمة المصرية، واستوحي تصميمه المهندس المعماري الفرنسي الكساندر مارسل من معابد الهند، ومعبد «انكوروات» في كمبوديا، وصممه على طريقة تجعل الشمس لا تغيب عنه. ولم يكتف امبان بعد بناء القصر بذلك، بل عرض على الحكومة المصرية- وقتها- إنشاء حي في شرق القاهرة، وهو ما يطلق عليه حالياً حي مصر الجديدة، وبدأ في إقامة منازله على الطراز البلجيكي والفرنسي، بالإضافة إلى إنشاء مساحة كبيرة مفتوحة تضم مجموعة من الحدائق منها «حديقة الميرلاند».

بعد وفاة «البارون» عام 1929 أهمل القصر لفترة طويلة تجاوزت النصف قرن، إلى أن قررت الحكومة المصرية تطويره وافتتاحه لكن هذا استمر لوقت طويل إلى أن تم افتتاحه فعلياً منذ أسابيع قليلة.

 

وسائط إلكترونية

يقول د. محمد عفيفي – رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة – إن قصر البارون بناء فريد من نوعه في العمارة المصرية الحديقة، يصفه الكثيرون بأنه «قصر أسطوري» لا تغيب عنه الشمس التي تدخل من جميع حجراته، وقد تم زخرفته من قبل الفنان الفرنسي جورج لويس كلود وتحويل القصر إلى متحف بعد الترميم يضم تاريخ المنطقة الموجود بها أمر جيد للغاية، فالقصر به وسائط حديثة إلكترونية، تحكي تاريخ منطقة مصر الجديدة، بداية من مدينة «أون» التي تعود إلى العصر الفرعوني مروراً بتأسيس الحي بمسماه الحالي على يد البارون إمبان.

كما تعرض مجموعة من الصور، والوثائق الأرشيفية والخرائط والوثائق والأفلام التي تحكي تاريخ مصر الجديدة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على شخصيات وطنية أثرت في التاريخ المصري الحديث عاشت في هذه المنطقة.

ولعل الدافع الذي جعل إمبان يفكر في بناء هذا القصر هو أنه كان مولعاً بالفنون المعمارية، وشغوفاً بالسفر، والتعرف إلى الأسباب الحضارية للدول، حيث كان دوره بارزاً في إنشاء «مترو باريس» ومنحه ملك فرنسا - في ذلك الوقت – لقب «بارون» تقديراً لجهوده.

كما أنه كان يمتلك عقلية اقتصادية مميزة، ساعدته على جمع ثروة هائلة، وعندما استقر في مصر كان مولعاً بها وقرر أن يقيم فيها حتى آخر حياته ويدفن في أرضها، وبالفعل حينما توفي يوم 22 يوليو 1952، دفن في كنيسة «البازيليك» بمصر الجديدة، بناء على طلبه رغم أنه توفي في بلجيكا، إلا أن جثمانه تم نقله ليدفن في القاهرة.

يقع القصر على مساحة تقدر باثني عشر ألف متر وهو مكون من طابقين وبجواره قبة كبيرة تعلو القصر وبها برج، ويكتب حوله الحكايات والأساطير فهو يدور دورة كاملة كل ساعة على قاعة متحركة ليتيح للقصر رؤية الشمس من جميع الاتجاهات.

أما عن الأحجار التي استخدمت في بناء القصر فكانت من المرمر والرخام الإيطالي والزجاج كان من الزجاج البلجيكي البلوري.

توجد بالقصر ساعة أثرية، لا يوجد لها مثيل سوى في قصر «باكنجهام» الملكي في إنجلترا، كما توجد به مجموعة من التماثيل المصنوعة في الهند جاء بها إمبان أثناء عمله في الهند بالإضافة إلى مجموعة من التماثيل الأوروبية وهي قريبة من ملامح فرسان القرون الوسطى في العصرين الروماني واليوناني.

 

غموض وأسرار

يعد بناء القصر على هذا الطراز المعماري المختلف، هو الأول من نوعه في مصر والشرق الأوسط، ما جعله يرتبط بفكرة الغموض والأسرار، فقد ظل القصر هدفا للشائعات، ومنها عندما اشتعلت النيران منذ سنوات في الغرفة الموجودة في البرج الرئيسي أثار البعض بعض الأقاويل حول وجود أصوات وشجار تخرج من نوافذ القصر ليلاً وأشباح تتحدث بلغة أجنبية.

وتؤكد مي محمد - مفتشة الآثار – على أن البارون إمبان عندما ألم به مرض خطير وهو في رحلته إلى الهند، وعالجه الهنود قرر أن يبني قصراً على الطراز المعماري الهندي وبالفعل حينما جاء إلى مصر بنى قصره وأتى بالمهندسين الإيطاليين والبلجيكيين لينفذوا التصميم المعماري الذي رسمه الفرنسي مارسيل.

ومن الحكايات المرتبطة بالقصر وتزيد فكرة الغموض والأساطير أن إمبان أنشأ حجرة بالقصر، منع من دخولها كل المقربين منه خاصة ابنته وأخته هيلانة، وهذه الغرفة تسمى بالحجرة الوردية وتوجد في بدروم القصر، وتتصل بسرداب يصل إلى كنيسة «البازيليك» بمصر الجديدة والتي دُفن البارون بها.

ومن الحكايات أيضاً أن هيلانة ماتت بعد سقوطها من شرفة حجرتها، ما جعل الناس يقولون إن صوتها يتردد في جنبات القصر، وهذا الغموص جعل بعض صناع السينما العالمية يلجأون لتصوير مشاهد من أفلامهم داخل القصر.

| بواسطة:

إضافة تعليق

الخبر التالي

النسيج اليدوي الصعيدي على قوائم «تراث اليونسكو»