الميراث.. تشريع عادل يراعي الحاجات

التاريخ : 2021-11-17 (10:15 AM)   ،   المشاهدات : 513   ،   التعليقات : 0

الميراث.. تشريع عادل يراعي الحاجات

يقول د.أحمد حافظ عطية نجم في كتابه «حقوق الإنسان بين القرآن والإعلان»، إن «القرآن الكريم أقر بحق الأبناء والأقارب في أن يرثوا عن آبائهم وأهلهم ما تركوه من أموال بعد وفاتهم، وحق الإنسان في أن يورث أمواله لمن يستحقها شرعاً من أهله بحكم صلة الدم والقرابة، دون أن يحق للدولة أن تصادر أموال المتوفى أو تستولي عليها، فيما عدا ما تستحقه قانوناً من ضرائب، اللهم إلا إذا كان المتوفى لا وريث له شرعاً.

ولا شك في عدالة هذا الحق الذي قررته الشريعة الإسلامية الغراء، إذ قد يكون مال الميراث هو مورد الرزق الوحيد لأبنائه عند وفاته، حيث يكونون في حاجة إليه لاستكمال طريقهم في الحياة ولمواجهة أعباء المعيشة، وخاصة إذا كانوا أطفالاً صغاراً، أو لم يتمكنوا بعد من تدبير عمل مناسب يرتزقون منه، هذا فضلاً عن أن أهل المتوفى هم أحق الناس بوراثة ما أنفق حياته وجهده في جمعه من مال».

ويضيف: «وضع الله سبحانه وتعالى قانوناً كاملاً للميراث بجميع احتمالاته في آيتين قرآنيتين فقط، هما الآيتان 11، 12 من سورة النساء، يقول تعالى: «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ».

وقال في السورة ذاتها: «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (سورة النساء – الآية 176)».

يبيّن علي الشوربجي في كتابه «حقوق الإنسان في الإسلام» أن لديننا «فلسفته المستقلة، ونظرته المتميزة في التشريع والتنظيم، وإلقاء التبعات، وتوزيع المسؤوليات، وأحكامه منسجمة مع أهدافه، وجزئياته سائرة في ركاب كلياته، فهو كل متكامل، ونظام الميراث في الدين قائم على رعاية قدر الحاجة إلى المال، ولما كانت حاجة المرأة إلى المال أقل من حاجة الرجل، لأن نفقتها غالباً على غيرها، جعل الإسلام نصيب الذكور في الميراث أكبر من نصيب الإناث غالباً. وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين في الأولاد، والإخوة من غير الأم، والأزواج، والوالدين في بعض الأحوال، يقول الحق تبارك وتعالى: «تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ» (سورة النساء – الآية 13، 14)، وبهذا يربي القرآن الكريم في نفس المؤمن الثقة والطمأنينة والقناعة بسلامة شرع الله، وصلاحه، وتقفل أمامه أبواب التشكك والارتياب فيه، أو التفكير في أخذ غيره».

د.محمد الشحات الجندي يشير في كتابه «الميراث في الشريعة الإسلامية»، إلى أن الميراث عند الفقهاء يراد به استحقاق الوارث نصيباً في مال المورث، فهو خليفة عنه، وامتداد لحياته، ونظراً لهذه العلاقة القائمة بينهما، كان حصوله على المال كله أو بعضه، كأثر يترتب على ذلك، فالميراث على ذلك يتضمن انتقال مال المورث إلى الوارث على سبيل الخلافة، فكأن الوارث انتقل إليه بقية مال المورث.

ويقول:«وضع القرآن الكريم الضوابط العامة والأحكام التفصيلية المتعلقة بالميراث، التي أقرت نصيب الرجال والنساء في التركة، فلا يجوز أن يستأثر الرجال بها، ويحرم النساء، كما كانت الحال عند العرب في الجاهلية، لأن ضعف المرأة أدعى إلى فرض نصيب لها في الميراث، وليس العكس، لأنها بحاجة إلى المال ولتقدير الإسلام لدور المرأة، في المجتمع الإسلامي، وتنويهاً بأهميته، ورعاية لأفراد الأسرة رجالاً ونساءً، وجاء ذلك في قوله تعالى: «لِلرِجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً» (سورة النساء – الآية 7)».

| بواسطة:

إضافة تعليق

الخبر التالي

 92 يوم على انطلاق تحدي سبينس دبي 92 للدراجات الهوائية