في إطار البحث عن "الفرصة الأخيرة" لجيلين مميزين حقق كل منهما نجاحا هائلا في مسيرته الكروية، يلتقي المنتخبان الأرجنتيني والكرواتي غدا الثلاثاء في الدور نصف النهائي لبطولة كأس العالم 2022 بحثا عن مقعد في المباراة النهائية للبطولة.

وتمثل المباراة تحديا من نوع خاص بين الجيل الحالي للمنتخب الأرجنتيني بقيادة نجمه الشهير ليونيل ميسي /35 عاما/، الذي يخوض المونديال للمرة الخامسة في تاريخه، ونظيره الكرواتي بقيادة النجم الشهير المخضرم لوكا مودريتش /37 عاما/ الذي لا يزال في مرحلة البحث عن لقب كبير مع منتخب بلاده.

ويدرك كل من اللاعبين الكبيرين وعدد من لاعبي هذا الجيل أن المونديال الحالي قد يشهد الظهور الأخير لهم في كأس العالم وربما في البطولات الكبرى بشكل عام، ولهذا تمثل مباراة الغد جزءا من حلم "الفرصة الأخيرة" في المنافسة على اللقب.

كما تعتبر المباراة تحديا جديدا ومثيرا بين الكرة الأوروبية ونظيرتها في أمريكا الجنوبية بعدما شهد المونديال الحالي أكثر من تحد من النوع نفسه.

وعلى سبيل المثال، وصل المنتخب الأرجنتيني لنصف النهائي بعد مباراة مثيرة للغاية أمام نظيره الهولندي امتدت لوقت إضافي بعد صحوة هولندية متأخرة انتزعت التعادل 2-2 في الوقت الإضافي من المباراة، ولم تحسم الأرجنتين بطاقة التأهل إلا من خلال ركلات الترجيح.

وفي المقابل، أطاح المنتخب الكرواتي بالطريقة نفسها (الوقت الإضافي وركلات الترجيح) بالحلم البرازيلي في تحقيق اللقب المونديالي السادس وعبر مودريتش وزملاؤه إلى نصف النهائي على حساب نيمار ورفاقه في المنتخب البرازيلي ليواجه اختبارا جديدا أمام العملاق الآخر لأمريكا الجنوبية.

وبعد حالة التوتر التي سيطرت على أجواء المباراة أمام هولندا في ربع النهائي، يتطلع المنتخب الأرجنتيني إلى حسم المواجهة مع نظيره الكرواتي مبكرا وعدم الانتظار إلى نهاية المباراة.

ويتطلع ميسي إلى اجتياز العقبة الكرواتية وتجديد حلم الفوز بلقب المونديال للمرة الأولى مع منتخب بلاده ليتوج مسيرة حافلة بالإنجازات على مدار مسيرته الاحترافية التي شهدت حتى الآن 1001 مباراة والعديد من الألقاب على مستوى الأندية ولقب كأس أمم أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا 2021) مع المنتخب الأرجنتيني.

كما شهدت النسخة الحالية من المونديال أكثر من رقم قياسي لميسي منها معادلة الرقم القياسي لعدد المشاركات في المونديال (5 نسخ) ومعادلة الرقم القياسي لأكثر لاعبي الأرجنتين تسجيلا للأهداف في المونديال (10 أهداف) بالتساوي مع النجم السابق جابرييل باتيستوتا.

كما أصبح ميسي اللاعب الوحيد في التاريخ الذي صنع أهدافا في 5 نسخ مختلفة من المونديال.

وعندما تنطلق مباراة الغد، سيعادل ميسي (حال مشاركته) رقما قياسيا موندياليا آخر وهو عدد المباريات التي يخوضها أي لاعب في البطولة (25 مباراة) والمسجل باسم الأسطورة الألماني لوثار ماتيوس.

ويستطيع ميسي بالطبع الانفراد بهذا الرقم القياسي حال مشاركته في المباراة التالية لفريقه في البطولة سواء كانت النهائي أو مباراة تحديد المركز الثالث.

كما يستطيع ميسي الانفراد برقم قياسي آخر للأرجنتين في المونديال حال سجل هدفه الـ11 في المونديال غدا .. علما بأنه سيدخل بقوة في هذه الحالة في سباق الهداف بالنسخة الحالية حيث سيقتسم صدارة قائمة الهدافين مع الفرنسي كيليان مبابي برصيد 5 أهداف لكل منهما.

ولكن هذه الأرقام القياسية تأتي في المرتبة التالية خلف رغبة ميسي ورفاقه وخاصة المخضرم الآخر آنخل دي ماريا في بلوغ النهائي ليصبح الفريق على بعد خطوة واحدة من حلم استعادة اللقب العالمي الغائب منذ 1986 .

وفي المقابل، يراود الأمل الكتيبة الكرواتية بقيادة مودريتش في الفوز باللقب المونديالي الأول في تاريخ الفريق بعدما نجحت خبرة الفريق في بلوغ نهائي النسخة الماضية من المونديال عام 2018 في روسيا، ويتطلع الفريق إلى تكرار هذا من خلال مباراة الغد أمام المنتخب الأرجنتيني متسلحا بالخبرة والروح المعنوية العالية التي عبر بها عقبة المنتخب البرازيلي في ربع النهائي.

والمباراة بين المنتخبين الأرجنتيني والكرواتي غدا ستكون الثالثة بينهما في تاريخ المونديال حيث فاز المنتخب الأرجنتيني في المباراة الأولى 1-0 بدور المجموعات في نسخة 1998 ثم فاز المنتخب الكرواتي 3-0 في دور المجموعات لمونديال 2018.

ولكن المنتخب الكرواتي يدرك تماما الفارق بين هاتين المواجهتين السابقتين ومباراة الغد التي ستكون الأولى بين الفريقين في الأدوار الإقصائية.

كما يدرك الفارق بين المنتخبين الأرجنتيني والبرازيلي حيث اعتمد الأخير في المقام الأول على القدرات الهجومية التي نجح مودريتش وزملاؤه في الحد من قدراتها خلال ربع النهائي، ولكن المنتخب الأرجنتيني يحرص على بناء اللعب والهجوم من خلال الفريق بأكمله.

ويمتلك كل من المنتخبين الأرجنتيني والكرواتي بعض نقاط القوة والضعف التي قد تلعب دورها في مباراة الغد.

وتتمثل أهم نقاط القوة بالمنتخب الأرجنتيني في ميسي وقرأته الذهنية والفنية وحرصه على تحقيق اللقب، ويضاف إلى هذا قوة مركز خط الوسط المدافع والذي يشغله رودريجو دي بول مع المرونة الخططية التي يتمتع بها الفريق وتألق حارس مرماه إيميليانو مارتينيز خاصة في التصدي لركلات الجزاء والترجيح.

لكن الاعتماد الكبير على ميسي يمثل أيضا نقطة ضعف للفريق لأن السيطرة عليه من الفريق المنافس تضع المنتخب الأرجنتيني في مأزق حقيقي.

وفي المقابل، يبدو تماسك الفريق وقوة الأعصاب والثقة بالنفس من أهم نقاط القوة في المنتخب الكرواتي إضافة لقوة خط وسط الفريق بقيادة لوكا مودريتش ومعه مارسيلو بروزوفيتش وماتيو كوفاسيتش.

فيما يبدو افتقار الفريق للهداف الصريح منذ اعتزال ماريو ماندزوكيتش من أبرز نقاط الضعف في الفريق.