ضعف ثقة المرضى ودقة التشخيص.. أبرز تحديات «التطبيب عن بعد»

التاريخ : 2021-01-14 (03:06 PM)   ،   المشاهدات : 630   ،   التعليقات : 0

ضعف ثقة المرضى ودقة التشخيص.. أبرز تحديات «التطبيب عن بعد»

برز الدور الحيوي الذي أداه التطبيب عن بُعد خلال جائحة كوفيد-19 بشكل كبير، حيث فَضَّل كثير من المرضى اللجوء لهذا الشكل من الخدمات الطبية، لأسباب عدة، أهمها: الخوف من العدوى عند زيارة المنشآت الصحية، واتجاه معظم المنشآت الصحية لترسيخ خدماتها الأساسية لعلاج مرضى كوفيد-19، إلا أن أطباء ومتعاملين أكدوا أن هناك 8 تحديات وثغرات تستوجب التصحيح وخصوصاً بعد التجربة العملية لهذا النوع من التطبيب.

وحدد الأطباء والمرضى الثغرات في منظومة التطبيب عن بُعد عالمياً ومحلياً في: عدم دقة التشخيص، فقدان امتلاك البعض للوسائل التكنولوجية للتواصل مع الطبيب أو عدم القدرة على استخدامها، غياب ثقة المرضى في هذا الشكل من الخدمات الصحية، عدم قدرة المريض في كثير من الحالات على شرح حالته بدقة، عدم كفاية هذا الشكل من الخدمة الطبية لعلاج معظم الأمراض، احتمالية حدوث قرصنة لبيانات المرضى والاطلاع عليها ما يؤثر بالسلب على المريض والطبيب والعملية الطبية برمتها، عدم وجود تشريعات كافية لتنظيم هذا الشكل من الخدمات، والمشكلات التأمينية التي تتمثل في تحمل المريض لتكاليف الدواء كاملة لدى بعض شركات التأمين.

 

تسجيل شكاوى

وقال استشاري أمراض السكري والغدد الصماء، ورئيس اللجنة العليا للمسؤولية الطبية الدكتور عبدالرزاق المدني، أنه شخصياً لا يؤمن بالتطبيب عن بُعد، ويضر المرضى أكثر مما يعود عليهم بالنفع، موضحاً: «الطبيب يجب أن يفحص المريض سريرياً، إذ قد لا يتمكن الأخير من التعبير عن شكواه الحقيقية عند الاتصال المرئي مع الطبيب، أو أن الطبيب قد يلاحظ تغيراً في العلامات الحيوية لدى المريض عند رؤيته بالعين فيستطيع تشخيصه بشكل صحيح».

وأضاف المدني: «اللجنة العليا للمسؤولية الطبية تلقت بعض الشكاوى من خدمات التطبيب عن بُعد، منها شكوى من مريضة، لم يفحصها الطبيب، بل استمعت الممرضة إلى شكواها، وذهبت لإخبار الطبيب بما قالت المريضة، ثم وصف لها الدواء، وهو خطأ كبير، نتيجة تساهل واستهتار الطبيب».

 

لأمراض محددة فقط

من جانبه، قال استشاري ورئيس شعبة الأمراض الجلدية بجمعية الإمارات الطبية الدكتور أنور الحمادي، أن التطبيب عن بُعد يستخدم للاستشارات بين الأطباء ومناقشة الحالات ومراجعة بعض الفحوصات المخبرية، ويثق بشكل كبير جداً في الفحص السريري بدلاً من الفحص دون مقابلة المريض، وأن الفحص الجلدي يكون مختلفاً في الواقع عن الصور التي تصل عبر وسائل التواصل المختلفة، وبالتالي يختلف العلاج، كما يحتاج الفحص الجلدي إلى اللمس للمنطقة المصابة في بعض الأحيان.

وأشار إلى أن التطبيب عن بُعد جيد لبعض الحالات الاختيارية التي تحتاج إلى التوجيه، فلو أن مريضاً أرسل صوراً لحالته يمكن توجيهه بأن يذهب إلى الطبيب في التخصص المناسب، أو أن المريض حكى أنه تعرض للدغة من حشرة ما، فهنا نستطيع أن ننصحه بزيارة الطبيب أو وضع مراهم أو كريمات موضعية مع بعض أنوع الأقراص دون الحاجة لطبيب.

وذكر الحمادي أن التطبيب عن بُعد من الأفضل أن يستخدم لمتابعة الحالات بعد أسابيع أو أشهر من الفحص السريري الحضوري الأول، وليس لأول فحص، ومن الخطأ الاعتماد على التصوير في التشخيص والعلاج، لابد من رؤية العين، منوهاً بدور التواصل الاجتماعي في مساعدة المرضى وهو أحد أشكال التطبيب عن بُعد.

وقال الحمادي أن 20% من الأمراض فقط يمكن التعامل معها عن بُعد، لكن 80% على الأقل من الأمراض لا بد أن يراها الطبيب بعينه، وإن هناك عدة ثغرات وعيوب في التطبيب عن بُعد هي عدم امتلاك البعض للوسائل التكنولوجية للتواصل مع الطبيب أو عدم القدرة على التعامل معها، وعدم ثقة كثير من المرضى في هذا الشكل من الخدمات الصحية، واحتمالية حدوث قرصنة لبيانات المرضى والاطلاع عليها ما يؤثر بالسلب على المريض والطبيب والعملية الطبية برمتها.

 

للاستخدام الاضطراري

وأكد استشاري النساء والولادة في الشارقة الدكتور فادي المرزوقي، أن التشخيص أساسه رؤية المريض، وقد يصاب بالخلل وعدم الدقة عند التشخيص عن بُعد في بعض الحالات، ولكن هناك حالات بسيطة مثل الصداع والانفلونزا يمكن استخدام التطبيب عن بُعد خلالها، وأن هذا الشكل من الخدمات لا يحتوي على أي مزايا إلا أن استخدامه كان اضطرارياً أثناء جائحة كورونا، فمن الصعب تشخيص المريض دون رؤيته ومتابعة طريقة كلامه ولون بشرته وطريقة سيره، كما أن الطبيب بحاجة إلى الإصغاء إلى أصوات الرئة والبطن والقلب ورؤية الجنين في بطن أمه بالسونار، إلا أنه يمكن الاعتماد على التطبيب عن بُعد في وصف أدوية لمرضى لديهم نتائج مخبرية ثابتة ورؤية مسبقة من الطبيب.

 

متابعة دورية

وتطرقت استشارية الصحة العامة ونائبة رئيس جمعية الإمارات للصحة العامة الدكتورة بدرية الحرمي، إلى أهمية التطبيب عن بُعد في العالم المعاصر الذي يقوم على التكنولوجيا الحديثة، إلا أنها ترى أن هذه الخدمة لا تغني أبداً عن رؤية الطبيب، فقد يكتشف الطبيب مرضاً عندما يسير المريض على قدميه أمامه، أو عند حديث المريض، أو نظراته وحركة عيونه، أو لون بشرته غير الطبيعي، مؤكدة أن التطبيب عن بُعد لا بد ألا يتخطى نطاق فحص الحالات البسيطة، والمتابعات الدورية لأصحاب الأمراض المزمن.

 

خدمات التخصصات الحيوية

بدورها، أكدت وزارة الصحة ووقاية المجتمع أن خدمات التطبيب عن بُعد لديها تشمل كافة التخصصات الحيوية، كالقلب والأطفال والباطنية والتغذية، كما تضم خدمات الصحة النفسية عن بعد، والتي تتضمن الاستشارات الطبية النفسية والاجتماعية وبرامج التأهيل لمرضى قسم الإدمان، وأقسام الأمراض النفسية الأخرى والطب النفسي المجتمعي من الفئات العمرية المختلفة، كالبالغين وكبار السن والأطفال والمراهقين، بالإضافة للبرامج التثقيفية بمجال الأمومة والطفولة والصحة العامة والوقاية من الأمراض، وتضم أيضاً خدمة الاستشارة الطبية عن بعد مع أطباء خارج الدولة ضمن برنامج الأطباء الزائرين لمساعدة المرضى والأطباء في الحصول على استشارة ثانية في الحالات الحرجة من خلال التواصل المرئي.

 

خدمة 24 ساعة

وتتيح هيئة الصحة بدبي خدمة التطبيب عن بُعد على مدار 24 ساعة، من خلال الاتصال المرئي مع المريض، ويمكن للمرضى حجز الموعد مع الطبيب من خلال تطبيق الهيئة الذكي أو الاتصال الهاتفي مع مركز الاتصال بالهيئة، كما أتاحت الهيئة الخدمة للمواطنين والمقيمين على حد سواء بعد بداية جائحة كوفيد-19 بعدما كانت مقتصرة على المواطنين فقط.

وأقرت هيئة الصحة بدبي معايير للرعاية الصحية عن بُعد، احتوت المعايير على 13 معياراً رئيسياً هي: تسجيل المنشأة الصحية ومتطلبات الترخيص، ومسؤوليات إدارة المرافق الصحية، والطبيب والممرضات والمسؤوليات الصحية المتضامنة، وموافقة المريض، وإدارة السجلات الصحية، وتقييم المرضى وإدارة الرعاية، والاستشارات عبر الهاتف، والتشخيص عن بُعد، والاتصالات الهاتفية المتزامنة وغير المتوقعة، والصحة المتنقلة، وخدمات الروبوتات الكهربائية والروبوتية، والاتصالات الهاتفية، ومؤشر الأداء الرئيسي.

 

تغطية التأمين

وقال خبير التأمين سعيد المهيري، إن السلطات الطبية هي من تتحكم في عملية التطبيب عن بُعد وتضع اللوائح والمعايير المنظمة لها، وأن هذا الشكل من أشكال تقديم الرعاية الصحية يجب ألا يستخدم إلا للحالات البسيطة، وأن التطبيب عن بُعد يواجه مشكلتين رئيسيتين إضافة إلى المشكلات الطبية التخصصية، هما: عدم كفاية اللوائح المنظمة والحاجة إلى قانون اتحادي ينظم هذه العملية، والمشكلة الثانية هي تغطية بعض شركات التأمين للفحص الطبي عن بُعد مع عدم تغطية صرف الدواء، حيث يرسل الطبيب الذي تحدده شركة التأمين الصحي الوصفة الطبية على البريد الإلكتروني للمريض في بعض الحالات، وبالتالي يذهب بها للصيدلية لصرفها ويدفع ثمنها كاملاً وهو ما يتطلب ربطاً نظامياً بين التشخيص والعلاج المطلوب على تطبيقات هذه الشركات أو الصيدليات المسجلة للتعامل معها، معتبراً أن التطبيب عن بُعد شكل صحي إيجابي لشركات التأمين التي لا تتحمل الكثير من الأعباء المالية بالمقارنة بالتشخيص السريري.

 

في حالات الطوارئ

وقال المواطن خليفة المربوعي، إنه لا يعتمد على التطبيب عن بُعد إلا في أضيق الحدود، وإنه من الأفضل زيارة الطبيب عند الحاجة، لكي يستطيع القيام بالتشخيص الدقيق، لافتاً إلى أن التطبيب عن بُعد يحتاج لوسائل تكنولوجية أحدث مما هي عليه الآن لكي يستطيع الطبيب رؤية الأجزاء المصابة بالمريض إذا كانت ظاهرية.

وذكر المواطن عيسى الفلاسي، أن التقدم الكبير في القطاع الصحي عالمياً جعل كل الأمور ممكنة، وأنه قد يضطر يوماً للجوء إلى هذا الشكل للحصول على الخدمة الصحية، لكن لن يحدث ذلك إلا في حالات الطوارئ عندما يكون بعيداً عن المرافق الصحية، معبراً عن ثقته الكبيرة في التشخيص السريري مقارنة بالتشخيص عن بُعد.

وأكد المواطن وليد العلوي، إلى أنه من الصعب أن يلجأ إلى خدمة التطبيب عن بُعد، كونها خدمة تُعد جديدة نسبياً رغم وجودها منذ سنوات في كثير من دول العالم، إلا أن الدقة في التشخيص والعلاج تستلزم زيارة الطبيب حتى عند المعاناة من آلام أو أعراض بسيطة، فقد يكون خلف هذه الأعراض مرض كبير.

| بواسطة:

إضافة تعليق

الخبر التالي

اللجنة القانونية  بالمجلس الاستشاري لإمارة الشارقة تبحث في 23 شكوى محالة إليها